فصل: فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة القدر:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه أَحاديث ضعيفة: عن أُبي: «مَنْ قرأها أعطى من الأَجر كمن صام رمضان، وأَحيا ليلة القدر».
وقال جعفر: من قرأها في ليلة نادى منادِ: استأْنِفِ العمل فقد غفر الله لك.
وقال: «يا علي، من قرأها فتح الله في قبره بابين من الجنَّة، وله بكلّ آية قرأها ثوابُ مَن صلى بين الرّكن والمقام أَلف ركعة». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة القدر مقصودها تفصيل الأمر الذي هو أحد قسمي ما ضمنه مقصود {اقرأ} وعلى ذلك دل اسمها لأن الليلة فضلت به، فهو من إطلاق المسبب على السبب، وهو دليل لمن يقول باعتبار تفضيل الأوقات لأجل ما كان فيها، كما قال ذلك اليهودي في اليوم الذي نزل فيه قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] وأفرده الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على ذلك وأعلمه أنه صار لنا عيدين: عيدا من جهة كونه يوم عرفة، وعيدا من جهة كونه يوم جمعة. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {إنا أنزلناه}:

السّورة مكيّة عند بعض المفسّرين، مدنية عند الأَكثرين.
آياتها ستّ في عدّ الشام، وخمس عند الباقين؛ وكلماتها ثلاثون.
وحروفها مائة واثنتا عشرة.
المختلف فيها آية (القدر) الثالث.
فواصل آياتها على الرّاءِ. سمّيت سورة القَدْر؛ لتكرُّر ذكره فيها.

.معظم مقصود السورة:

بيان شرف ليلة القدر في نصِّ القرآن، ونزول الملائكة المقرّبين من عند الرحمن، واتصال سلامهم طَوال الليل على أَهل الإِيمان، في قوله: {حَتَّى مَطْلَعِ الفجر}.
السّورة محكمة. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة التكاثر:
473- مسألة:
قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} تقدم الكلام عليها وعلى تكرارها في سورة النبأ.
474- مسألة:
قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
وقد قال تعالى في مواضع متعددة الإذن في المباحات كقوله تعالى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} و{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} ما فائدة السؤال عما أباحه؟.
جوابه:
أن المراد: لتسألن عن شكر النعيم، فحذف المضاف للعلم به، لأن الشكر واجب أو أنهم يسألون عن نعيمهم من أين حصلوه وآثروه على طاعة الله تعالى.
475- مسألة:
قوله تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} وفيه توكيد الخبر وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} الآيتين.
جوابه:
تقدم في سورة الأنبياء.
وقيل: هو خطاب للمشركين خاصة، والمراد رؤية دخول وحلول فيها، وهو عين اليقين.
وقيل: هو الخطاب للناس كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فالمؤمن ناج منها والكافر داخل فيها. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله تعالى: {إِنا أَنزلناه في ليلة القدر} وبعده: {وَمَآ أَدْرَاكَ ما ليلة القدر} ثم قال: {ليلة القدر} فصرّح به، وكان حقّه الكناية؛ رفعًا لمنزلتها؛ فإِنَّ الاسم قد يُذكر بالصّريح في موضع الكناية؛ تعظيمًا وتخويفًا.
كما قال الشَّاعر:
لا أَرى الموتَ يسبق الموتَ شيء ** نغّص الموتُ ذا الغنى والفقيرا

فصرّح باسم الموت ثلاث مرّات؛ تخويفًا. وهو من أَبيات كتاب سيبويه. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة القدر:
سميت هذه السورة في المصاحف وكتب التفسير وكتب السنة (سورة القَدْر) وسماها ابن عطية في (تفسيره) وأبو بكر الجصّاص في (أحكام القرآن) (سورة ليلة القدر).
وهي مكية في قول الجمهور وهو قول جابر بن زيد ويُروى عن ابن عباس.
وعن ابن عباس أيضًا والضحاك أنها مدنية ونسبه القرطبي إلى الأكثر.
وقال الواقدي: هي أول سورة نزلت بالمدينة ويرجحه أن المتبادر أنها تتضمن الترغيب في إحياء ليلة القدر وإنما كان ذلك بعد فرض رمضان بعدَ الهجرة.
وقد عدها جابر بن زيد الخامسة والعشرين في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة عبس وقبل سورة الشمس، فأما قول من قالوا إنها مدنية فيقتضي أن تكون نزلت بعد المطففين وقبل البقرة.
وآياتها خمس في العدد المدني والبصري والكوفي، وستّ في العدّ المكي والشامي.
أغراضها:
التنويه بفضل القرآن وعظمتِه بإسناد إنزاله إلى الله تعالى...
والردُّ على الذين جحدوا أن يكون القرآن منزلًا من الله تعالى.
ورفع شأن الوقت الذي أنزل فيه ونزول الملائكة في ليلةِ إنزاله.
وتفضيلُ الليلة التي توافق ليلةَ إنزاله من كل عام.
ويستتبع ذلك تحريض المسلمين على تحيّن ليلة القدر بالقيام والتصدق. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة القدر:
مكية.
وآياتها خمس آيات.
بين يدي السورة:
* سورة القدر مكية، وقد تحدثت عن بدء نزول القرآن العظيم، وعن فضل ليلة القدر، على سأئر الأيام والشهور، لا فيها من الأنوار والتجليات القدسية، والنفحات الربانية، التي يفيضها الباري جل وعلا على عباده المؤمنين، تكريما لنزول القرآن المبين، كما تحدثت عن نزول الملائكة الأبرار حتى طلوع الفجر، فيا لها من ليلتة عظيمة القدر، هي خير عند الها من ألف شهر. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة القدر 97:
مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء.
وقال قتادة هي مدنية وكذا حكى كريب أنه وجدها في كتاب ابن عباس ونظيرتها في المدنيين الفيل وقريش وتبت والفلق وفي الكوفي والبصري الفيل وتبت والفلق وفي المدني والشامي أرأيت والكافرون.
وكلمها ثلاثون كلمة.
وحروفها مائة واثنا عشر حرفا.
وهي ست آيات في المكي والشامي وخمس في عدد الباقين.
اختلافها آية: {ليلة القدر} الثالث عدها المكي والشامي ولم يعدها الباقون.

.ورءوس الآي:

{ليلة القدر}.
1- {ما ليلة القدر}.
2- {ألف شهر}.
3- {أمر}
4- {الفجر}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة القدر:
القدر: العظمة والشرف، من قولهم لفلان قدر عند فلان: أي منزلة وشرف، تنزل الملائكة: أي تنزل وتتجلى للنفس الطاهرة التي هيأها اللّه لقبول تجليها، وهى نفس النبي الكريم، سلام: أي أمن من كل أذى وشر، مطلع الفجر: أي وقت طلوعه. اهـ.

.قال الفراء:

سورة القدر:
{وَمَآ أَدْرَاكَ ما ليلة القدر}
وقوله عز وجل: {وَمَآ أَدْرَاكَ ما ليلة القدر...}.
كل ما كان في القرآن من قوله: {وما أدراك} فقد أدراه، وما كان من قوله: {وما يدريك} فلم يدره.
{ليلة القدر خَيْرٌ مِّنْ ألف شهر}
وقوله عَزَّ وجلّ: {ليلة القدر خَيْرٌ مِّنْ ألف شهر...}.
يقول: العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. وليلة- القدر- فيما ذكر حِبَّان عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس في كل شهر رمضان.
{تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أمر}
وقوله عز وجل: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا...}.
يقال: إن جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل ومعه الملائكة، فلا يَلْقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلّموا عليه، حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: حدثنى أبو بكر بن عياش عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أنه كان يقرأ: {مِنْ كِلِّ امرئ سَلاَمٌ} فهذا موافق لتفسير الكلبى، ولم يقرأ به أحد غيرُ ابن عباس.
وقول العوام: انقطع عند قوله: {مِنْ كُلِّ أمر}، ثم استأنف فقال: {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفجر} و(المطلِع) كسره يحيى بن وثاب وحدَه، وقرأه العوام بفتح اللام {مطلَع}. وقول العوام أقوى في قياس العربية؛ لأن المطلَع بالفتح هو: الطلوع، والمطِلع: المشرق، والموضع الذي تطلع منه إِلاَّ أن العرب يقولون: طلعت الشمسُ مطلِعا فيكسرون. وهم يريدون: المصدر، كما تقول: أكرمتك كرامةً، فتجتزئ بالاسم من المصدر. وكذلك قولك: أعطيتك عطاء اجتزى فيه بالاسم من المصدر. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة القدر:
{سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفجر}
قال: {سَلاَمٌ هِيَ} أي: هِي سلامٌ، يريد: مُسَلَّمَة.
وقال: {حَتَّى مَطْلَعِ الفجر} يريد: الطلوع. والمصدر ها هنا لا يبنى الا على (مَفْعَل). اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة القدر:
{ليلة القدر} ليلة الحكم. كأنه يقدّر فيها الأشياء.
{خَيْرٌ مِنْ ألف شهر} ليس فيها ليلة القدر.
{مِنْ كُلِّ أمر} أي لكل أمر.
{سَلامٌ هِيَ} أي خير هي حتى يطلع الفجر. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة القدر:
{الْقَدْرِ} تقدير أمور السّنة، وأخفيت ليلته ليستكثر من العبادة ولا يستند إلى واحدة.
{خَيْرٌ مِنْ ألف شهر} خالية عنها.
{وَالرُّوحُ} أشرف الملائكة.
{مِنْ كُلِّ أمر} أمر يقضى فيها.
{سَلامٌ} أي: هي سلام الملائكة إلى أن يطلع الفجر. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة القدر:
عدد 25 – 97.
نزلت بمكة بعد عبس.
وهي خمس آيات.
وثلاثون كلمة.
ومائة واثنتان وعشرون حرفا.
ويوجد في القرآن سورتا الكوثر ونوح بدأتا بما بدأت به هذه السورة.
ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به.
لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ} أي القرآن العظيم وعود الضمير إلى غير مذكور جائز إذا كان معلوما كما هنا، وقدمنا البحث في هذا عند الآية 10 من سورة النجم المارة وفي التعبير بضمير الغائب مع عدم تقدم ذكره تعظيما له وتفخيما بعلو شأنه باعتباره كأنه حاضر عند كل أحد، وكان هذا الإنزال جملة واحدة في اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا {فِي ليلة القدر 1} العظيمة عند اللّه وسميت بذلك، لأن الآجال والأرزاق والأحكام والأمور كلها مما يكون في السنة التي هي فيها إلى مثلها من السنة الأخرى يقدرها فيها أي يظهر تقديرها وما يقع فيها إلى الملائكة ويأمرهم بإنقاذه وإلا فهو جل جلاله عالم فيها قبل في الأزل قيل للحسين ابن الفضيل أليس قد قدر اللّه المقادير قبل خلق السموات والأرض قال نعم قال فما معنى {ليلة القد} ر؟ قال: سوق المقادير إلى المواقيت وتنفيذ القضاء والقدر.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وهي ليلة سبع وعشرين من رمضان كما تقدم في بحث نزول القرآن في المقدمة، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها وتعيينها أعرضنا عن إثباتها لمعلوميتها وقد استدل العلماء على كونها ليلة السابع والعشرين بان كلماتها إلى كلمة هي سبع وعشرون وبعضهم بحروفها إي حروف كلمة ليلة القدر المكرمة فيها ثلاث مرات لأنها أيضا سبع وعشرون حرفا ولكل وجهة، ثم أشار اللّه تعالى منوها بتعظيمها بقوله: {وَما أَدْراكَ} يا سيد المرسلين {ما ليلة القدر 2} استفهام على سبيل التعظيم والتبجيل والتفخيم والتكريم تنويها بفضلها أي لن تبلغ درايتك أيها الإنسان الكامل ما هي لما قدر فيها الإله لعباده من الخير والفضل.
وقد جاء في الحديث «من أدرك أي من رأى ليلة القدر فليقل اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»، وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت «كان رسول اللّه يجاور العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».
وروى مسلم عن رزين بن حبيش قال سمعت أبي بن كعب يقول (وقيل له إن عبد اللّه ابن مسعود يقول من قام السنة فقد أصاب ليلة القدر) قال أبي واللّه الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ولا يتسنى فو اللّه اني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول اللّه بقيامها وهي ليلة سبع وعشرين وامارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها وهذا أصح ما ورد فيها قالوا والحكمة في اخفائها احياء الليالي الكثيرة لمن يريدها حرصا على أن يخطئ بها كما أخفيت الصلاة الوسطى للمحافظة على سائر الصلوات وأخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة ليستغرق أبعد نهارها بالدعاء أملا بمصادفتها ليسأل ربه ما يسأله فيها وليعلم أن رضاء اللّه تعالى في الطاعات لترغيب الإنسان بفعلها ليثيبه عليها وان غضب اللّه في المعاصي ليرهب الناس فيجتنبوها ليرضى عليهم قال تعالى: {ليلة القدر} يكون العمل فيها {خَيْرٌ مِنْ ألف شهر} خالية منها ليقوموها فيحصل لهم الاجر المترتب على إحيائها وسبب نزولها ما قاله ابن عباس ذكر لرسول اللّه رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل اللّه ألف شهر فتعجب وتمنى ذلك لأمته فقال: «يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا» فأعطاه اللّه تبارك وتعالى ليلة القدر، فقال ليلة القدر خير من الألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل اللّه لك ولأمتك إلى يوم القيامة وهي عبارة عن ثلاث وثمانين سنة واربعة أشهر، فالعمل الصالح ليلة القدر يعدل هذه المدة كلها وما جاء بأن هذه السورة وسورة الكوثر نزلتا حين رأى رسول اللّه بني امية على منبره فساءه ذلك فهو غير صحيح والحديث الوارد فيه قال عنه المزني انه منكر والدليل على عدم صحته ان هاتين السورتين مكيتان ولم يكن بمكة منبر قبل الهجرة ولا قبل الفتح، وانما اتخذ المنبر بالمدينة بعد نزولهما بسنين كثيرة، ثم بين اللّه تعالى سبب ارتفاع فضلها بقوله: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} جبريل عليه السلام أو نوع من الملائكة تدعى بهذا الاسم، وهم ذوات مخلوقة خفية من عالم القوى التي عجز البشر عن ادراكهم وهي تنجسد وتتشكل عند الاقتضاء، وان الإيمان بهم فرض وكذلك الجان كما سيأتي في الآية 37 من سورة عمّ، ينزلون إلى سماء الدنيا {فِيها} في ليلة القدر وهذا النزول يكون {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} وقيد بالإذن تعظيما لأمر تنزلهم والا لا يكون الا بإذنه قال تعالى: {وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأمر رَبِّكَ} الآية 67 من سورة مريم الآتية وإشارة لرغبتهم في أهل الأرض واشتياقهم لرؤية ثواب طاعتهم واستماع حنين الذاكرين وأنين العاصين منهم وقد جاء في الحديث القدسي: لأنين المؤمنين أحب إلى من زجل المسبحين {مِنْ كُلِّ أمر 4} أي أن نزولهم لأجل كل أمر يتعلق به التقدير في تلك السنة من قضاء اللّه وقدره وهذه الليلة المباركة {سَلامٌ هِيَ} على أولياء اللّه وأهل طاعته من كل ما يخافون ويرهبون.
لما كانت الملائكة رأت أفعال الجن وافسادهم في الأرض وقالوا لربهم حينما قال لهم: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً... أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها} الآية 30 من البقرة، وظهر لهم الأمر بخلاف ما قالوه نزلوا باستيذان من اللّه إلى أهل الأرض ليسلموا عليهم ويعتذروا منهم ويستغفروا لهم جاء في الحديث الذي رواه أنس أن رسول اللّه قال إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كيكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه عز وجل ويكون هذا دأبهم {حَتَّى مَطْلَعِ الفجر 5} من ليلتها، فعلى الراغب بذلك أن يقوم تلك الليلة المباركة ليحظى بما من قدر له فيها الثواب العظيم المعلق على القيام فيها فأين الطالبون لنفحات اللّه أني الراغبون لعطائه هذا واللّه أعلم.
هذا، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ.